يشهد قطاع غزة ضعفًا واضحًا في دخول الشاحنات التجارية والإنسانية ما انعكس بشكل مباشر على مختلف مناحي الحياة اليومية للسكان هذا الضعف لم يعد أمرًا مؤقتًا بل أصبح واقعًا ميدانيًا يؤثر على تفاصيل الحياة كافة حيث يعتمد أكثر من مليوني إنسان على ما يدخل عبر المعابر من مواد غذائية ودوائية ووقود ومستلزمات أساسية
خلال الأيام الماضية سُجل دخول متقطع لشاحنات محدودة عبر بعض المعابر إلا أن هذا الدخول لا يرقى إلى الحد الأدنى من الاحتياج الفعلي للقطاع فغالبية الشاحنات التي سُمح لها بالدخول كانت بأصناف محدودة ولم تشمل كافة الاحتياجات الأساسية كما أن وتيرة الدخول كانت غير منتظمة ما خلق حالة من عدم الاستقرار في الأسواق وأثر بشكل مباشر على توفر السلع وأسعارها
ضعف دخول الشاحنات الإنسانية انعكس بوضوح على الوضع الإنساني حيث تعاني المؤسسات الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية كما تواجه المستشفيات صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات للمرضى خاصة في أقسام الطوارئ والعمليات والعناية المركزة إضافة إلى ذلك تعاني المراكز الصحية الأولية من شح في الأدوية المزمنة ما يهدد حياة آلاف المرضى الذين يعتمدون على العلاج المستمر
أما على الصعيد الغذائي فإن قلة دخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية أدت إلى تراجع واضح في المخزون المتوفر داخل القطاع وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار وصعوبة حصول العديد من العائلات على احتياجاتها اليومية هذا الأمر زاد من معاناة الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل التي باتت عاجزة عن تأمين الغذاء الكافي لأطفالها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة
الوضع التجاري بدوره لم يكن أفضل حالًا فرغم أن الحركة التجارية لم تتوقف بشكل كامل إلا أنها تشهد دخولًا متقطعًا لشاحنات تجارية بأصناف محدودة ومتنوعة وفق وتيرة غير منتظمة هذا الاضطراب في حركة الشاحنات أثر على عمل التجار وأصحاب المحال وأدى إلى ركود في الأسواق وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين ما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي العام
وفيما يتعلق بالمعابر فإن القيود المفروضة على حركة الشاحنات واستبعاد بعض الطرق الحيوية عن الخدمة أسهم في تفاقم الأزمة حيث بات الاعتماد على عدد محدود من المعابر ما يحد من القدرة على إدخال كميات كافية من المساعدات والبضائع كما أن الإجراءات المعقدة والتأخير في السماح بالدخول يضاعف من حجم الخسائر ويؤخر وصول الإمدادات إلى مستحقيها
ضعف دخول الشاحنات لا يقتصر أثره على الحاضر فقط بل يمتد ليهدد المستقبل أيضًا فاستمرار هذا الوضع ينذر بتفاقم الأزمات الصحية والغذائية والاقتصادية ويزيد من هشاشة المجتمع المحلي كما يضع ضغطًا هائلًا على المؤسسات الإنسانية التي تحاول سد الفجوة بإمكانيات محدودة لا تكفي لمواجهة حجم الاحتياج المتزايد
أمام هذا الواقع تبرز الحاجة الملحة إلى ضمان تدفق منتظم وكافٍ للشاحنات الإنسانية والتجارية دون عوائق بما يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان ويخفف من معاناتهم اليومية إن تحسين آلية دخول الشاحنات ورفع القيود المفروضة عليها يشكل خطوة أساسية نحو استقرار الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة ويمنح السكان فرصة للصمود في وجه الظروف الصعبة التي يعيشونها
